معجزة مساجد " آتشيه" التي صمدت امام مد تسونامى
في الوقت الذي محت أمواج " تسونامي" مدن بأكملها في جنوب شرقي آسيا، وقفت مساجد إقليم آتشيه، شاهدا على قدرة الله سبحانه وتعالى. ففي الصورة أعلاه التي التقطتها وكالة فرانس برس لإحدى مناطق إقليم بندا آتشيه والتي لا يمكن حاليا الوصول إليها برا، تشكل المساجد بقعا بيضاء وحيدة وسط لوحة من الطين والأنقاض.
هذا و أكد إندونيسيون نجوا من الأمواج التي ضربت إقليم آتشيه بفعل زلزال سومطرة، أن "يد الله الخفية" حمت المساجد في هذه المنطقة التي دمرت منذ أسبوع.
فيما بثت محطات التلفزيون الإندونيسية شهادات لناجين أكدوا أنهم نجوا لأنهم لجأوا إلى المسجد في مواجهة تقدم الأمواج.
وقال مخلص خائران (30 عاماً) الذي شاهد دمار قريته "بايت" في ضواحي بندا آتشيه كبرى مدن الإقليم الواقع شمال سومطرة، إنه "قصاص الله لنا بسبب جشعنا لكنه لن يدمر أبداً بيته".
وفي كل المنطقة حيث محيت مدن كاملة، تحدث شهود عيان عن بقاء المساجد الحديثة والقديمة، سالمة في إقليم آتشيه الذي اعتنق سكانه الإسلام منذ القرن الثالث عشر.
وفي قرية كاجو، جرفت الأمواج مئات المنازل لكن المسجد نجا بشكل يثير الدهشة ولم يصب سوى ببعض التشققات في جدرانه. وأحاطت المياه بكل جدرانه لكن أي قطرة لم تدخل إليه.
من الناجين من رأى في كارثة الأحد الماضي "عقابا إلهيا على جشعهم" وهو ما جعل المئات يهرعون إلى مساجدهم بحثا عن مأوى لهم أمام الموج العاتي، وعن مكان للتضرع والسلوى في أشد لحظات حياتهم الحالكة.
البعض الآخر فضل تقديم تفسير مادي للظاهرة، إذ رأى أن هندسة المساجد وصلابة بناءها كفيلان في حد ذاتهما بحمايتها من الدمار، إلا أن ذلك ليس جوابا شافيا فأحد المساجد في سيغلي في شمال آتشه سلم من الدمار الذي لحق بكل شيء محيط رغم أنه مصنوع من الخشب فقط.
ملاذ للروح والجسد
المئات هرعوا إلى المساجد بعد الطوفان هربا من الموج وبحثا عن السلوى
يذكر أشيار الذي يقطن بعاصمة الإقليم بندا آتشه أن غريزته نبهته لحظة دهم الموج أن يحتمي بمئذنة المسجد حيث تعلق بسلك كهربائي إلى أن انحسرت المياه، في وقت مات فيه العديد من أصدقائه الصينيين لأنهم "فضلوا الاحتماء بالطابق الثاني من حوانيتهم حيث حاصرهم المد".
وتعتبر المساجد في قلب الحياة الإندونيسية إلا أنها تكتسي أهمية خاصة في آتشه التي تعتبر إحدى البوابات الرئيسية التي دخل منها الإسلام الأرخبيل قبل سبعة قرون، ولهذا تحولت بعد الكارثة إلى مكان للبحث عن المفقودين وحتى إلى مستشفيات ميدانية لمداواة المجروحين وتجميع الجثث، ولكنها تحولت قبل ذلك إلى مكان للصلاة والسلوى.
ورغم أن الكثير من عمران آتشه الذي امتدت له يد الموج قد لا يرتفع فوق الدمار إلا بعد أشهر، فإن سكان عاصمة الإقليم حرصوا على أن يكون مسجد "بيت الرحمن" أول من يستفيد من أعمال الترميم، فقد حمى أجسادهم من الطوفان في لحظاته الأولى
وحمى أرواحهم من اليأس والقنوط في الساعات والأيام التي تلته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق