تأثير النوم والنور مضاء على الانسان
حذرت أخصائي العلاج الطبيعي الباحثة في علوم الشريعة د. نوف الجارالله من أن التلوث الضوئى يزيد من نوبات الصداع، والشعور بالإرهاق، والتعرض لدرجات مختلفة من التوتر، بالاضافة إلى زيادة الإحساس بالقلق. وأوضحت في حوار مع ”بريق الدانة“ أن الإضاءة المفرطة تعتبر من أهم أسباب الإصابة بنوبات الصداع النصفي الحاد. موضحة أن إحدى الدراسات المسحية، أثبتت أن فرط الإضاءة يؤدي لحدوث نوبات الصداع النصفي.
ونصحت الجارالله بتجنب التعرض إلى لمبات ”الفلوريسنت“ فترات طويلة قائلة: أثبتت الدراسات الطبية بالفعل، وجود ارتفاع في معدلات التوتر بجميع أعراضه وعلاماته الطبية، بين العاملين في أماكن أو القاطنين لمنازل، تستخدم فيها إضاءة مفرطة، وخصوصاً من نوع الفلوريسنت.
وأكدت الجارالله أن بعض الباحثين أثبت أن الضوء يؤثر على جهاز المناعة من خلال تأثيره على العين ثم المخ ثم الغدة الصنوبرية وكذلك من خلال نفاذية الضوء لسطح الجلد.
وشرحت الجارالله التفسير العلمي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أطفئوا المصابيح بالليل»، مؤكدة أن مخالفة هذا الأمر النبوي وإغراق المدن ليلاً في الأضواء أحدثت خللاً كونياً أثر بالسلب على جميع الكائنات الحية، لافتة إلى أن تعرض الإنسان لظلام الليل يفيد الصحة.
وفسرت الجارالله أسباب النعاس الذي يغلب الإنسان عند النوم وإفراز هرمون الميلاتونين بصورة طبيعية عند دخول الليل بواسطة غدة صغيرة في الدماغ تعرف باسم الجسم الصنوبري هذه المادة تنتشر في الدم وتعطي الإنسان الإحساس بالنعاس. مستدلة بأن هذه المادة الكيميائية تفرز بانتظام لكن يعاني من نقصها كبار السن فنلاحظ أن نومهم مضطرب أكثر من صغار السن الذين تفرز عندهم هذه المادة بوفرة.
واضافت إن إفراز هذه المادة يبدأ مع بداية الظلام ويكون إفرازها بسيطا ويزداد مع الزمن إلى أن يصل الإفراز ذروته حتى يحين موعد الصباح وتشرق شمس يوم جديد فيتناقص الإفراز بشكل حاد .
وفي ما يلي نص الحوار:
هل هناك ادلة على تأثير الضوء على الإنسان ؟
هناك الكثير من الأدلة تثبت ذلك فقد أمرنا الحبيب مُحمد صلي الله عليه وسلم بإطفاء المصابيح بالليل, و بعد سنوات عديدة من البحث العلمي حول تأثير الضوء علي الإنسان والبيئة, قال العلم صدق رسول الإسلام, فإظلام المصابيح إعجاز نبوي يقي الإنسان و بيئته من التلوث الضوئي الذي ينشأ من التعرض الزائد للضوء في الليل كما هناك العديد من الآيات التي تتناول أهمية النوم والسكن في الليل عملا بالسنة الكونية التي أجراها الله علي عباده .
وجاءت السنة النبوية المكملة للقرآن بالنهي الصريح عن التعرض للمصابيح عند النوم في الليل )أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ(, ولم يكن النبي صلي الله عليه وسلم لينهانا عن شيء إلا لعلمه بأن له من الأضرار العاجلة والآجلة أضعاف ما قد يحققه من النفع العاجل.
هل أثبت العلم الحديث أن التعرض لضوء المصابيح في الليل له أضرار؟
نعم كما حذرنا الحبيب صلي الله عليه وسلم من خطر المصابيح إذا تركناها موقدة عند النوم و ذلك في عدد كبير من الروايات, منها ما ذكر علة التحذير وهي الخوف من الاحتراق بنارها, ومنها ما جاء بدون ذكر لعلة الأمر بإطفاء المصابيح لتعم النصيحة والرحمة النبوية كل المخلوقات في كل زمان ومكان فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أشفق على أمته من الوالدة بولدها ولم يدع شفقته دينية ولا دنيوية إلا أرشد إليها
ما الروايات التي ذكرت علة اطفاء المصابيح عند النوم ؟
هناك الكثير من الرواياتمنها قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ )لا تَتْركوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُون( متفق عليه. أيضا )خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْت( رواه البخاري. وعن جابر بن عبد الله أن النبي صلي الله عليه و سلم قال )غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج . فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء.
ما أهم الملاحظات حول هذه الأحاديث ؟
أولها وأهمها تكرار التحذير النبوي من النار والمصابيح والسُرُج بروايات مختلفة وفي مواقف مختلفة, يدل علي أن من عادة العرب في زمن النبي صلي الله عليه وسلم عند النوم ترك المصابيح موقدة وخاصة في فترة الليل, وذلك لمنافع عديدة منها إذهاب وحشة الصحراء والاحتماء من حيوانات الصحراء التي قد تهاجمهم في الليل و للتدفئة, فبين لهم النبي صلي الله عليه وسلم أن هذه عادة غير سليمة لما فيها من أضرار ظاهرة كما بين في بعض الروايات التي ذكرت الاحتراق بالنار, وأرشدهم صلي الله عليه وسلم إلي ما هو أنفع بإغلاق الأبواب لحصول الأمان, وإطفاء النيران لتوقي شرها.
وفي عصرنا الحديث استبدلنا مصابيح النار بالمصابيح الكهربائية, وصرنا أحرص من العرب في زمن النبي صلي الله عليه و سلم علي إنارة المصابيح في ظلمة الليل, بل ان هناك مناطق بأكملها كبعض المدن الحديثة تحيل الليل إلي نهار من كثرة المصابيح المضاءة في ظلمة الليل.
لكن هل النهي عن إطفاء المصابيح يشمل العصور الحديثة؟
لكل علة قد تظهر للبشر في العصور التي تلي عصر النبي صلي الله عليه و سلم، فكلما ظهرت للمصابيح أضرار غير النار, كان الأمر النبوي )أطفئوا المصابيح( حاميا من كل ضرر ظاهر كالاحتراق بنارها, أو ضرر غير ظاهر كالتعرض الزائد لضوئها في الليل. لذلك فإننا لا نستطيع أن نقول أنه بانتهاء علة الخوف من الاحتراق بالنار المذكورة في بعض الروايات أننا نستطيع أن نترك العمل بالحديث عند التعامل مع المصابيح الكهربائية أو غيرها من وسائل الإضاءة الحديثة.
وفي وقت وعصر المصطفى عليه الصلاة والسلام كان السراج أو المصباح على هيئة شعلة من النار (فتيلة توقد بالزيت). فحينما أراد النبي صلي الله عليه وسلم التحذير الخاص من الاحتراق من المصابيح استخدم كلمة النار, وعندما أراد تعميم التحذير من كافة أشكال الإضاءة التي تعتمد على النار وعلى غير النار استخدم صلي الله عليه وسلم كلمتي المصابيح والسُرُج, ومعروف أن كلمة مصباح تستخدم لكل ما يستضاء به.
معنى ذلك أن المصابيح الكهربائية الحديثة لها أضرار؟
في الحقيقة العلمية يعتبر مصطلح التلوث الضوئي من المصطلحات الحديثة التي لم تكن في قاموس الإنسانية, وهو أحد أنواع الملوثات البيئية الحديثة التي تسبب فيها إنسان العصر الحديث, بسب الإسراف الزائد في استعمال الضوء الصناعي داخل وخارج البيوت, وفي تحويل ليل المدن إلي نهار صناعي, مما أثر بالسلب علي الإنسان وبيئته. فقد بدأت إضاءة الليل اصطناعياً بواسطة الكهرباء، تقلق طمأنينة الحياة, وتمزع لباس الليل الذي عهدته الكرة الأرضية منذ أن جعل الله الليل سكنا والنهار نشورا, وتعاقب الليل والنهار, وتآلفت الكائنات طبيعياً )وضمنها الإنسان( بهذا التعاقب الدوري، فسكنت الحياة ليلاً، وازدهرت بسعي أغلب الكائنات الحية على معاشها نهاراً.
أنَّ زيادةَ فترة التعرضِ للضوءِ ، لها أضرارٌ على الإنسانِ , و منْ هذهِ الأضرارِ :
أولاً: زيادةُ نوبات الصداعِ ، والشعور بالإرهاقِ ، والتعرض لدرجاتٍ مُختلفةٍ ، منْ التوترِ ، وزيادة الإحساسِ بالقلقِ.
ثانياً: ارتفاعُ ضغط الدَّم : يعتقد العلماء ، أنَّ ارتفاعَ ضغط الدَّمِ ، في هذهِ الحالاتِ ، ينتج بشكلٍ غير مباشرٍ ، منْ زيادةِ مستوى التوترِ ، الذي يتعرض لهُ المُعرَّضَونَ لفرطِ الإضاءةِ ، فالمعروف : أنَّ زيادةَ مستوى التوترِ ، تؤدي إلى إفرازِ الجسمِ ، [ لهرمون الأدرينالين ] ، و المسئول عنْ وضعِ الجسمِ ، في حالةٍ منْ التأهبِ والاستعدادِ ، منْ خلالِ تغيراتٍ بيولوجيةٍ وفسيولوجيةٍ عديدةٍ ، مثل رفع ضغط الدَّم ، وزيادة ضربات القلبِ.
ثالثاً: تثبيطُ جهاز المناعةِ : وجد بعض الباحثين ( C. Haldar *, R. Ahmad 2009 ) ، أنَّ الضوءَ ، يؤثر على جهازِ المناعةِ ، منْ خلالِ تأثيرهِِ ، على العينِ ، ثُمَّ المخِ ، ثُمَّ الغدةِ الصنوبريةِ , و كذلكَ منْ خلالِ ، نفاذية الضوءِ ، لسطحِ الجلدِ ، حيثُ كلمَّا زادََ ، الطول الموجي ، زادتْ درجة النفاذيةِ ، عبر النسيجِ البصريِّ ، و النسيجِ الجلديِّ ، كما وجدوا: أنَّ الخلايا الليمفاوية ، في الدَّمِ ، تنتج [ هرمون الميلاتونين ] ، الذي يقوم بتنشيطِ المناعةِ , و أنَّ هذا الإنتاج ، يتأثر بالضوء ، حيث يثبط الضوء ، الذي ينفذ منْ الجلدِ ، و يصل للخلايا الليمفاويةِ ، التي تسير في الدَّمِ ، قرب سطح الجلدِ ، قدرة هذه الخلايا على تكوينِ و إفرازِ[ الميلاتونين ] ، مِمَّا يؤدى الى ، نقصِ المناعةِ ، بطريقةٍ غير مباشرةٍ , كما وجدوا أنَّ تعرض الجلدِ ، لفترتٍ منْ الظلامِ ، يُقوي ، منْ مناعةِ الجسمِ .
رابعاً: التأثير الضَّار للضوءِ على الجلدِ : وجد بعض الباحثين :
( Mahmud BH, et al:2008 ) ، أنَّ للطيفِ المنظورِ ، منْ الضوءِ ، تأثيرٌ ضارٌ ، على الجلدِ ، حيثُ يؤدي ، إلى احمرارِ الجلدِ ، و تبقعهِ ، و التدمير الحراري لخلايا الجلد ، و كذلكَ ، إنتاج الشوارد الحُرة ، هذا بالإضافةِ ، إلى التدميرِ غيرِ المباشرِ ، للحمضِ النوويِّ ، في خلايا الجلدِ ، الناتج عنْ الأكسجين النشط ، ليسَ هذا فحسبٌ : بل الضرر الناتج ، منْ الأشعةِ ، [ فوق البنفسجية ] على الجلدِ ، التي يتعرض الإنسان لها نهاراً في ضوءِ الشمس.
خامساً: نقص إفراز هرمون الميلاتونين (Melatonin)، يتمُ إفراز [ هرمون الميلاتونين ] بصورةٍ طبيعيةٍ ، عندَ دخولِ الليلِ ، بواسطةِ غدة صغيرة ، في الدماغِ ، تعرفُ باسمِ : [ الجسمِ الصنوبري Pineal body ] وهذهِ المادة ، تنتشر في الدَّم ، وتُعطي الإنسانَ ، الإحساس بالنعاسِ ، تفرزُ هذهِ المادة الكيميائيةِ ، بانتظامٍ ، لكنْ يُعاني منْ نقصها ، كبارُ السنِ ، فنلاحظُ : أنَّ نومهم مضطربٌ ، أكثر منْ صغارِ السِّنِ ، الذينَ تفرز عندهم هذهِ المادةِ بوفرةٍ , إنَّ إفرازَ هذهِ المادةِ ، يبدأُ مع ( بدايةِ الظلامِ ، ويكون إفرازه بسيط ويزداد مع الزمنِ ، إلى أنْ يصل الإفراز ذروته ، قبلَ موعد الصباحِ ) ، و قدْ وُجِدَ أنَّ إفرازَ هذهِ المادةِ ، يقلُّ بالتعرضِ للضوءِ ، مِمَّا يساعد على السَّهرِ ، و يعرض الجسم لعدَّةِ أمراضٍ.
[ أهميةُ هرمون الميلاتونين للجسمِ ]
كعلاجٍ لاضطراباتِ النومِ : بحثٌ لـ( Reiter RJ, Korkmaz A; 2008 ) ، و كمضاد للأكسدة ، حيثُ ثبت ، أنَّ قدرتهُ تفوقُ ، بمعدلِ خمس مراتٍ ، قدرة فيتامين سي ، وهذه درجة ، تجعل تصنيفهُ ، منْ أقوى مضادات الأكسدةِ المعروفةِ
: بحثٌ لـ ( Dominique Bonnefont-Rousselota,b, Fabrice Collin 2010) ، و أهميته للمخِ :وجدَ بعضُ الباحثينَ ( Olcese JM et al; 2009) أنَّ الميلاتونين ، يقللُ منْ حدَّةِ ، مرضِ الزهايمر و يبطئ منْ تقدمهِ , كما وجدَ البعض الآخر
( Juan C. Mayo et al;2005) ، أنهُ ضرورىٌ ، للوقايةِ ، منْ مرضِ الشللِ الرعاشِ ، و كذلكَ فى تحسينِ ، فاعلية العلاجاتِ للمرضى ، و الميلاتونين مسكنٌ للألأمِِ :وجدَ بعضُ الباحثينَ : كـ ( Mónica Ambriz-Tututi,2009) ، أنَّ الميلاتونينِ ، يعتبر مسكناً للألأمِ ، حيثُ يقلل منْ الإحساسِ بالألم ، منْ خلالِ العديدِ ، منْ آلياتِ التفاعلاتِ البيوكيميائيةِ ، مثل التنشيط الغير مباشر لمستقبلاتِ المورفين , و تقليل افراز الموادِ المسببةِ للالتهاباتِِ ، بالإضافةِ الى عملهِ ، كمضادٍ للأكسدةٍ ، لذلكَ تتضح أهميةُ النومِ ، في الظلامِ ، لمنْ يعانونَ ، منْ أمراضٍ ، ينتج عنها : اىّ نوعٍ منْ الألآمِ ، والميلاتونين يقي منْ السرطانِ ، حيثُ أظهرتْ بعضُ الدراساتِ الحديثة :
( A David E. Blask 2008 ) أنَّ العمالَ ، في الفتراتِ المسائية، و المتعرضينَ للضوءِ الصناعيِّ ، هُمْ الأكثر تعرضاً للإصابةِ بالسرطانِ ، و كذلكَ لنقصِ المناعةِ ، كما أظهرتْ الأبحاث الحديثةِ : ( Pauley SM.2004 ) أنَّ تثبيطَ الميلاتونين ، بالتعرضِ للضوءِ ، ليلاً قدْ يكون سبباً ، منْ زيادةِ معدلاتِ سرطان الثدي و القولون ، و قدْ و جدتُ العديد ، منْ الدراساتِ ، و منها ( Sánchez-Barceló EJ, et al;2003) : و
( Joo SS, Yoo YM et al; 2009) أنَّ تأثيرَ الميلاتونين ، المضاد للسرطانِ ، يأتي منْ طبيعتهِ كمضادٍ للأكسدةِ , بالاضافةِ الى ، قدرتهِ على التأثيرِ المباشرِ ، على الخلايا السرطانيةِ ، حيثُ يثبط الميلاتونين السرطان ، منْ خلالِ التداخلِ فى عددٍ منْ المساراتِ البيوكيميائيةِ , و قدْ وجدَ أنهُ في سرطانِ الثدي ، يقومُ بدورٍ مباشرٍ ، على خلايا السرطانِ ، كمضادٍ طبيعيٍّ للإستروجين , و في سرطانِ البروستاتا ، يؤدي ، إلى موتِ الخلايا السرطانيةِ ، المبرمج مبكراً .
وأكدت الجارالله أن بعض الباحثين أثبت أن الضوء يؤثر على جهاز المناعة من خلال تأثيره على العين ثم المخ ثم الغدة الصنوبرية وكذلك من خلال نفاذية الضوء لسطح الجلد.
وشرحت الجارالله التفسير العلمي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أطفئوا المصابيح بالليل»، مؤكدة أن مخالفة هذا الأمر النبوي وإغراق المدن ليلاً في الأضواء أحدثت خللاً كونياً أثر بالسلب على جميع الكائنات الحية، لافتة إلى أن تعرض الإنسان لظلام الليل يفيد الصحة.
وفسرت الجارالله أسباب النعاس الذي يغلب الإنسان عند النوم وإفراز هرمون الميلاتونين بصورة طبيعية عند دخول الليل بواسطة غدة صغيرة في الدماغ تعرف باسم الجسم الصنوبري هذه المادة تنتشر في الدم وتعطي الإنسان الإحساس بالنعاس. مستدلة بأن هذه المادة الكيميائية تفرز بانتظام لكن يعاني من نقصها كبار السن فنلاحظ أن نومهم مضطرب أكثر من صغار السن الذين تفرز عندهم هذه المادة بوفرة.
واضافت إن إفراز هذه المادة يبدأ مع بداية الظلام ويكون إفرازها بسيطا ويزداد مع الزمن إلى أن يصل الإفراز ذروته حتى يحين موعد الصباح وتشرق شمس يوم جديد فيتناقص الإفراز بشكل حاد .
وفي ما يلي نص الحوار:
هل هناك ادلة على تأثير الضوء على الإنسان ؟
هناك الكثير من الأدلة تثبت ذلك فقد أمرنا الحبيب مُحمد صلي الله عليه وسلم بإطفاء المصابيح بالليل, و بعد سنوات عديدة من البحث العلمي حول تأثير الضوء علي الإنسان والبيئة, قال العلم صدق رسول الإسلام, فإظلام المصابيح إعجاز نبوي يقي الإنسان و بيئته من التلوث الضوئي الذي ينشأ من التعرض الزائد للضوء في الليل كما هناك العديد من الآيات التي تتناول أهمية النوم والسكن في الليل عملا بالسنة الكونية التي أجراها الله علي عباده .
وجاءت السنة النبوية المكملة للقرآن بالنهي الصريح عن التعرض للمصابيح عند النوم في الليل )أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ(, ولم يكن النبي صلي الله عليه وسلم لينهانا عن شيء إلا لعلمه بأن له من الأضرار العاجلة والآجلة أضعاف ما قد يحققه من النفع العاجل.
هل أثبت العلم الحديث أن التعرض لضوء المصابيح في الليل له أضرار؟
نعم كما حذرنا الحبيب صلي الله عليه وسلم من خطر المصابيح إذا تركناها موقدة عند النوم و ذلك في عدد كبير من الروايات, منها ما ذكر علة التحذير وهي الخوف من الاحتراق بنارها, ومنها ما جاء بدون ذكر لعلة الأمر بإطفاء المصابيح لتعم النصيحة والرحمة النبوية كل المخلوقات في كل زمان ومكان فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أشفق على أمته من الوالدة بولدها ولم يدع شفقته دينية ولا دنيوية إلا أرشد إليها
ما الروايات التي ذكرت علة اطفاء المصابيح عند النوم ؟
هناك الكثير من الرواياتمنها قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ )لا تَتْركوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُون( متفق عليه. أيضا )خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْت( رواه البخاري. وعن جابر بن عبد الله أن النبي صلي الله عليه و سلم قال )غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج . فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء.
ما أهم الملاحظات حول هذه الأحاديث ؟
أولها وأهمها تكرار التحذير النبوي من النار والمصابيح والسُرُج بروايات مختلفة وفي مواقف مختلفة, يدل علي أن من عادة العرب في زمن النبي صلي الله عليه وسلم عند النوم ترك المصابيح موقدة وخاصة في فترة الليل, وذلك لمنافع عديدة منها إذهاب وحشة الصحراء والاحتماء من حيوانات الصحراء التي قد تهاجمهم في الليل و للتدفئة, فبين لهم النبي صلي الله عليه وسلم أن هذه عادة غير سليمة لما فيها من أضرار ظاهرة كما بين في بعض الروايات التي ذكرت الاحتراق بالنار, وأرشدهم صلي الله عليه وسلم إلي ما هو أنفع بإغلاق الأبواب لحصول الأمان, وإطفاء النيران لتوقي شرها.
وفي عصرنا الحديث استبدلنا مصابيح النار بالمصابيح الكهربائية, وصرنا أحرص من العرب في زمن النبي صلي الله عليه و سلم علي إنارة المصابيح في ظلمة الليل, بل ان هناك مناطق بأكملها كبعض المدن الحديثة تحيل الليل إلي نهار من كثرة المصابيح المضاءة في ظلمة الليل.
لكن هل النهي عن إطفاء المصابيح يشمل العصور الحديثة؟
لكل علة قد تظهر للبشر في العصور التي تلي عصر النبي صلي الله عليه و سلم، فكلما ظهرت للمصابيح أضرار غير النار, كان الأمر النبوي )أطفئوا المصابيح( حاميا من كل ضرر ظاهر كالاحتراق بنارها, أو ضرر غير ظاهر كالتعرض الزائد لضوئها في الليل. لذلك فإننا لا نستطيع أن نقول أنه بانتهاء علة الخوف من الاحتراق بالنار المذكورة في بعض الروايات أننا نستطيع أن نترك العمل بالحديث عند التعامل مع المصابيح الكهربائية أو غيرها من وسائل الإضاءة الحديثة.
وفي وقت وعصر المصطفى عليه الصلاة والسلام كان السراج أو المصباح على هيئة شعلة من النار (فتيلة توقد بالزيت). فحينما أراد النبي صلي الله عليه وسلم التحذير الخاص من الاحتراق من المصابيح استخدم كلمة النار, وعندما أراد تعميم التحذير من كافة أشكال الإضاءة التي تعتمد على النار وعلى غير النار استخدم صلي الله عليه وسلم كلمتي المصابيح والسُرُج, ومعروف أن كلمة مصباح تستخدم لكل ما يستضاء به.
معنى ذلك أن المصابيح الكهربائية الحديثة لها أضرار؟
في الحقيقة العلمية يعتبر مصطلح التلوث الضوئي من المصطلحات الحديثة التي لم تكن في قاموس الإنسانية, وهو أحد أنواع الملوثات البيئية الحديثة التي تسبب فيها إنسان العصر الحديث, بسب الإسراف الزائد في استعمال الضوء الصناعي داخل وخارج البيوت, وفي تحويل ليل المدن إلي نهار صناعي, مما أثر بالسلب علي الإنسان وبيئته. فقد بدأت إضاءة الليل اصطناعياً بواسطة الكهرباء، تقلق طمأنينة الحياة, وتمزع لباس الليل الذي عهدته الكرة الأرضية منذ أن جعل الله الليل سكنا والنهار نشورا, وتعاقب الليل والنهار, وتآلفت الكائنات طبيعياً )وضمنها الإنسان( بهذا التعاقب الدوري، فسكنت الحياة ليلاً، وازدهرت بسعي أغلب الكائنات الحية على معاشها نهاراً.
أنَّ زيادةَ فترة التعرضِ للضوءِ ، لها أضرارٌ على الإنسانِ , و منْ هذهِ الأضرارِ :
أولاً: زيادةُ نوبات الصداعِ ، والشعور بالإرهاقِ ، والتعرض لدرجاتٍ مُختلفةٍ ، منْ التوترِ ، وزيادة الإحساسِ بالقلقِ.
ثانياً: ارتفاعُ ضغط الدَّم : يعتقد العلماء ، أنَّ ارتفاعَ ضغط الدَّمِ ، في هذهِ الحالاتِ ، ينتج بشكلٍ غير مباشرٍ ، منْ زيادةِ مستوى التوترِ ، الذي يتعرض لهُ المُعرَّضَونَ لفرطِ الإضاءةِ ، فالمعروف : أنَّ زيادةَ مستوى التوترِ ، تؤدي إلى إفرازِ الجسمِ ، [ لهرمون الأدرينالين ] ، و المسئول عنْ وضعِ الجسمِ ، في حالةٍ منْ التأهبِ والاستعدادِ ، منْ خلالِ تغيراتٍ بيولوجيةٍ وفسيولوجيةٍ عديدةٍ ، مثل رفع ضغط الدَّم ، وزيادة ضربات القلبِ.
ثالثاً: تثبيطُ جهاز المناعةِ : وجد بعض الباحثين ( C. Haldar *, R. Ahmad 2009 ) ، أنَّ الضوءَ ، يؤثر على جهازِ المناعةِ ، منْ خلالِ تأثيرهِِ ، على العينِ ، ثُمَّ المخِ ، ثُمَّ الغدةِ الصنوبريةِ , و كذلكَ منْ خلالِ ، نفاذية الضوءِ ، لسطحِ الجلدِ ، حيثُ كلمَّا زادََ ، الطول الموجي ، زادتْ درجة النفاذيةِ ، عبر النسيجِ البصريِّ ، و النسيجِ الجلديِّ ، كما وجدوا: أنَّ الخلايا الليمفاوية ، في الدَّمِ ، تنتج [ هرمون الميلاتونين ] ، الذي يقوم بتنشيطِ المناعةِ , و أنَّ هذا الإنتاج ، يتأثر بالضوء ، حيث يثبط الضوء ، الذي ينفذ منْ الجلدِ ، و يصل للخلايا الليمفاويةِ ، التي تسير في الدَّمِ ، قرب سطح الجلدِ ، قدرة هذه الخلايا على تكوينِ و إفرازِ[ الميلاتونين ] ، مِمَّا يؤدى الى ، نقصِ المناعةِ ، بطريقةٍ غير مباشرةٍ , كما وجدوا أنَّ تعرض الجلدِ ، لفترتٍ منْ الظلامِ ، يُقوي ، منْ مناعةِ الجسمِ .
رابعاً: التأثير الضَّار للضوءِ على الجلدِ : وجد بعض الباحثين :
( Mahmud BH, et al:2008 ) ، أنَّ للطيفِ المنظورِ ، منْ الضوءِ ، تأثيرٌ ضارٌ ، على الجلدِ ، حيثُ يؤدي ، إلى احمرارِ الجلدِ ، و تبقعهِ ، و التدمير الحراري لخلايا الجلد ، و كذلكَ ، إنتاج الشوارد الحُرة ، هذا بالإضافةِ ، إلى التدميرِ غيرِ المباشرِ ، للحمضِ النوويِّ ، في خلايا الجلدِ ، الناتج عنْ الأكسجين النشط ، ليسَ هذا فحسبٌ : بل الضرر الناتج ، منْ الأشعةِ ، [ فوق البنفسجية ] على الجلدِ ، التي يتعرض الإنسان لها نهاراً في ضوءِ الشمس.
خامساً: نقص إفراز هرمون الميلاتونين (Melatonin)، يتمُ إفراز [ هرمون الميلاتونين ] بصورةٍ طبيعيةٍ ، عندَ دخولِ الليلِ ، بواسطةِ غدة صغيرة ، في الدماغِ ، تعرفُ باسمِ : [ الجسمِ الصنوبري Pineal body ] وهذهِ المادة ، تنتشر في الدَّم ، وتُعطي الإنسانَ ، الإحساس بالنعاسِ ، تفرزُ هذهِ المادة الكيميائيةِ ، بانتظامٍ ، لكنْ يُعاني منْ نقصها ، كبارُ السنِ ، فنلاحظُ : أنَّ نومهم مضطربٌ ، أكثر منْ صغارِ السِّنِ ، الذينَ تفرز عندهم هذهِ المادةِ بوفرةٍ , إنَّ إفرازَ هذهِ المادةِ ، يبدأُ مع ( بدايةِ الظلامِ ، ويكون إفرازه بسيط ويزداد مع الزمنِ ، إلى أنْ يصل الإفراز ذروته ، قبلَ موعد الصباحِ ) ، و قدْ وُجِدَ أنَّ إفرازَ هذهِ المادةِ ، يقلُّ بالتعرضِ للضوءِ ، مِمَّا يساعد على السَّهرِ ، و يعرض الجسم لعدَّةِ أمراضٍ.
[ أهميةُ هرمون الميلاتونين للجسمِ ]
كعلاجٍ لاضطراباتِ النومِ : بحثٌ لـ( Reiter RJ, Korkmaz A; 2008 ) ، و كمضاد للأكسدة ، حيثُ ثبت ، أنَّ قدرتهُ تفوقُ ، بمعدلِ خمس مراتٍ ، قدرة فيتامين سي ، وهذه درجة ، تجعل تصنيفهُ ، منْ أقوى مضادات الأكسدةِ المعروفةِ
: بحثٌ لـ ( Dominique Bonnefont-Rousselota,b, Fabrice Collin 2010) ، و أهميته للمخِ :وجدَ بعضُ الباحثينَ ( Olcese JM et al; 2009) أنَّ الميلاتونين ، يقللُ منْ حدَّةِ ، مرضِ الزهايمر و يبطئ منْ تقدمهِ , كما وجدَ البعض الآخر
( Juan C. Mayo et al;2005) ، أنهُ ضرورىٌ ، للوقايةِ ، منْ مرضِ الشللِ الرعاشِ ، و كذلكَ فى تحسينِ ، فاعلية العلاجاتِ للمرضى ، و الميلاتونين مسكنٌ للألأمِِ :وجدَ بعضُ الباحثينَ : كـ ( Mónica Ambriz-Tututi,2009) ، أنَّ الميلاتونينِ ، يعتبر مسكناً للألأمِ ، حيثُ يقلل منْ الإحساسِ بالألم ، منْ خلالِ العديدِ ، منْ آلياتِ التفاعلاتِ البيوكيميائيةِ ، مثل التنشيط الغير مباشر لمستقبلاتِ المورفين , و تقليل افراز الموادِ المسببةِ للالتهاباتِِ ، بالإضافةِ الى عملهِ ، كمضادٍ للأكسدةٍ ، لذلكَ تتضح أهميةُ النومِ ، في الظلامِ ، لمنْ يعانونَ ، منْ أمراضٍ ، ينتج عنها : اىّ نوعٍ منْ الألآمِ ، والميلاتونين يقي منْ السرطانِ ، حيثُ أظهرتْ بعضُ الدراساتِ الحديثة :
( A David E. Blask 2008 ) أنَّ العمالَ ، في الفتراتِ المسائية، و المتعرضينَ للضوءِ الصناعيِّ ، هُمْ الأكثر تعرضاً للإصابةِ بالسرطانِ ، و كذلكَ لنقصِ المناعةِ ، كما أظهرتْ الأبحاث الحديثةِ : ( Pauley SM.2004 ) أنَّ تثبيطَ الميلاتونين ، بالتعرضِ للضوءِ ، ليلاً قدْ يكون سبباً ، منْ زيادةِ معدلاتِ سرطان الثدي و القولون ، و قدْ و جدتُ العديد ، منْ الدراساتِ ، و منها ( Sánchez-Barceló EJ, et al;2003) : و
( Joo SS, Yoo YM et al; 2009) أنَّ تأثيرَ الميلاتونين ، المضاد للسرطانِ ، يأتي منْ طبيعتهِ كمضادٍ للأكسدةِ , بالاضافةِ الى ، قدرتهِ على التأثيرِ المباشرِ ، على الخلايا السرطانيةِ ، حيثُ يثبط الميلاتونين السرطان ، منْ خلالِ التداخلِ فى عددٍ منْ المساراتِ البيوكيميائيةِ , و قدْ وجدَ أنهُ في سرطانِ الثدي ، يقومُ بدورٍ مباشرٍ ، على خلايا السرطانِ ، كمضادٍ طبيعيٍّ للإستروجين , و في سرطانِ البروستاتا ، يؤدي ، إلى موتِ الخلايا السرطانيةِ ، المبرمج مبكراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق